Rss Feed

  1. الصفحة اللاحقة الصفحة السابقة شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي  
    مكية آياتها ثلاث واربعون
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم الرا تلك آيات الكتاب والذي انزل اليك من ربك الحق ولكن اكثر الناس لا يؤمنون الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) يعني بغير اسطوانة ترونها (ثم استوى على العرش وسحر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى - الي قوله - يتفكرون) فانه محكم (وفي الارض قطع متجاورات) اي متصلة بعضها إلى بعض (وجنات من اعناب) اي بساتين (وزرع ونخيل صنوان) والصنوان الفتالة التي نبتت من اصل الشجرة (وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل فمنه جلو ومنه حامض ومنه مر يسقى بماء واحد (ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون) ثم حكى عزوجل قول الدهرية من قريش فقال (وان تعجب فعجب قولهم‌ء‌اذا كنا تراباء‌انا لفي خلق جديد) ثم قال (اولئك الذين كفروا بربهم واولئك الاغلال في اعناقهم واولئك اصحاب النار هم فيها خالدون) وكانوا يستعجلون العذاب فقال الله عزوجل (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات) اي العذاب وقوله (ويقول الذين كفروا لولا انزل عليه آية من ربه انما انت منذر ولكل قوم هاد) فانه حدثني ابى عن حماد عن ابى بصير عن ابى عبدالله (ع) قال المنذر رسول الله صلى الله عليه وآله والهادي امير المؤمنين (ع) وبعده الائمة عليهم السلام وهو قوله ، ولكل قوم هاد " اي في كل زمان امام هاد مبين وهو رد على من ينكر ان في كل عصر وزمان اماما وانه لا تخلو الارض من حجة كما قال امير المؤمنين عليه السلام: " لا تخلو الارض من امام قائم بحجة الله اما ظاهر مشهور واما خائف مقهور لئلا يبطل حجج الله وبيناته " والهدى في كتاب الله عزوجل على
     
    [360]
     
    وجوه فمنه الائمة (ع) وهو قوله " ولكل قوم هاد " اي امام مبين ومنه: البيان وهو قوله " أو لم يهد لهم " اي يبين لهم وقوله " واما ثمود فهديناهم " اي بينا لهم ومثله كثير ومنه: الثواب وهو قوله " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين " اي لنثيبنهم ومنه: النجاة وهو قوله " كلا ان معي ربى سيهدين " اى سينجيني ومنه الدلالة وهو قوله " واهديك إلى ربك " اي ادلك.
     
    واما قوله (الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار) ما تغيض اي ما تسقط من قبل التمام " وما تزداد " يعني على تسعة اشهر كلما رأت المرأة من حيض في ايام حملها زاد ذلك على حملها وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر (ع) في قوله (سواء منكم من اسر القول ومن جهر به) فالسر والعلانية عنده سواء وقوله (مستخف بالليل) مستخف في جوف بيته، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وسارب بالنهار) يعنى تحت الارض فذلك كله عند الله عزوجل واحد يعلمه وقوله (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله) فانها قرئت عند ابى عبدالله صلوات الله عليه فقال لقاريها الستم عربا فكيف تكون المعقبات من بين يديه؟ وانما للعقب من خلفه، فقال الرجل جعلت فداك كيف هذا؟ فقال إنما نزلت " له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بامر الله " ومن ذا الذي يقدران يحفظ الشئ من امر الله وهم الملائكة الموكلون بالناس وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من امر الله يقول بامر الله من ان يقع في ركي او يقع عليه حائط او يصيبه شئ حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينهم يدفعونه إلى المقادير وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان بالنهار يتعاقبانه وقال علي بن ابراهيم في قوله (واذا اراد الله بقوم
     
    [361]
     
    سوء‌ا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) اي من دافع وقوله (هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) يعني يخافه قوم ويطمع فيه قوم ان يمطروا (وينشئ السحاب الثقال) يعني يرفعها من الارض (ويسبح الرعد) الملك الذي يسوق السحاب (والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال) اي شديد الغضب، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) فهذا مثل ضربه الله للذين يعبدون الاصنام والذين يعبدون آلهة من دون الله فلا يستجيبون لهم بشئ ولا ينفعهم إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه ليتناوله من بعيد ولا يناله، وقال علي بن ابراهيم في قوله (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) اي في بطلان وحدثني ابي عن احمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابي جعفر (ع) قال جاء رجل؟ إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله رأيت امرا عظيما فقال وما رأيت؟ قال كان لي مريض ونعت له ماء من بئر بالاحقاف يستشفى به في برهوت قال فانتهيت ومعي قربة وقدح لآخذ من مائها واصب في القربة وإذا بشئ قد هبط من جو السماء كهيئة السلسلة وهو يقول ياهذا اسقني الساعة اموت، فرفعت رأسي ورفعت اليه القدح لاسقيه فاذا رجل في عنقه سلسلة فلما ذهبت اناوله القدح فاجتذب مني حتى علق بالشمس ثم اقبلت على الماء اغرف اذ اقبل الثانية وهو يقول العطش العطش اسقني ياهذا الساعة اموت فرفعت القدح لاسقيه فاجتذب مني حتى علق بالشمس حتى فعل ذلك ثالثة فقمت وشددت قربتي ولم اسقه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك قابيل بن آدم الذي قتل اخاه وهو قول الله عزوجل " والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ - إلى قوله - إلا في ضلال " وقوله " ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال) قال بالعشي
     
    [362]
     
    قال ظل المؤمن يسجد طوعا وظل الكافر يسجد كرها وهو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم.
     
    وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر (ع) في قوله " ولله يسجد من في السموات والارض طوعا وكرها الآية " اما من يسجد من اهل السموات طوعا فالملائكة يسجدون لله طوعا ومن يسجد من اهل الارض طوعا فمن ولد في الاسلام فهو يسجد له طوعا واما من يسجد كرها فمن اجبر على الاسلام واما من لم يسجد فظله يسجد له بالغداة والعشي وقوله (قل من رب السموات والارض قل الله قل أفتخذتم من دونه اولياء لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا قل هو يستوي الاعمى والبصير) يعني المؤمن والكافر (ام هل تستوي الظلمات والنور) اما الظلمات فالكفر واما النور فهو الايمان واما قوله (انزل من السماء ماء‌ا فسالت اودية بقدرها) يقول الكبير على قدر كبره والصغير على قدر صغره (فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله) قول الله " انزل من السماء ماء‌ا " يقول انزل الحق من السماء فاحتملته القلوب باهوائها ذو اليقين على قدر يقينه وذو الشك على قدر شكه فاحتمل الهوى باطلا كثيرا وجفاء‌ا، فالماء هو الحق والاودية هى القلوب والسيل هو الهوى والزبد هو الباطل والحلية والمتاع هو الحق قال الله (كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء‌ا واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض) فالزبد خبث الحلية هو الباطل والمتاع والحلية هو الحق من اصاب الزبد وخبث الحلية في الدنيا لم ينتفع به وكذلك صاحب الباطل يوم القيامة لا ينتفع به واما الحلية والمتاع فهو الحق من اصاب الحلية والمتاع في الدنيا انتفع به وكذلك صاحب الحق يوم القيامة ينتفع به (كذلك يضرب الله الامثال).
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله " قل رب السموات والارض قل الله "
     
    [363]
     
    الآية محكمة وقوله " انزل من السماء ماء‌ا فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا " اي مرتفعا " ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية " يعني ما يخرج من الماء من الجواهر وهو مثل اي يثبت الحق في قلوب المؤمنين وفي قلوب الكفار لا يثبت " كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء‌ا " يعني بطل " واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض " وهذا مثل للمؤمنين والمشركين فقال عزوجل (كذلك يضرب الله الامثال للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو ان لهم ما في الارض جميعا ومثله معه لافتدوا به اولئك لهم سوء الحساب ومأويهم جهنم وبئس المهاد) فالمؤمن اذا سمع الحديث ثبت في قلبه واجابه وآمن به فهو مثل الماء الذي يبقى في الارض فينبت النبات والذي لا ينتفع به يكون مثل الزبد الذي تضربه الرياح فيبطل وقوله " وبئس المهاد " قال يمهدون في النار ثم قال (أفمن يعلم إنما انزل اليك من ربك الحق كمن هو اعمى إنما يتذكر اولو الالباب) اي اولو العقول وقوله (الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما امر الله به ان يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب) فانه حدثني ابي عن محمد بن الفضيل عن ابي الحسن (ع) قال ان رحم آل محمد صلى الله عليه وآله معلقة بالعرش يقول اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني وهى تجري في كل رحم ونزلت هذه الآية في آل محمد وما عاهدهم عليه وما اخذ عليهم من الميثاق في الذر من ولاية امير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام بعده وهو قوله " الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق الآية " ثم ذكر اعداء‌هم فقال (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) يعنى امير المؤمنين (ع) وهو الذي اخذ الله عليهم في الذر واخذ عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله بغدير خم ثم قال (اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) وقوله (ويخافون سوء الحساب) فانه دخل رجل على ابي عبدالله
     
    [364]
     
    عليه السلام فقال ابوعبدالله ما لفلان يشكوك قال طالبته بحقي فقال ابوعبدالله (ع) وترى انك اذا استقصيت عليه لم تسئ به أترى الذي حكى الله عزوجل في قوله " ويخافون سوء الحساب " اي يجور الله عليهم(1) والله ما خافوا ذلك ولكنهم خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب وقوله (والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤن بالحسنة السيئة) يعني يدفعون وحدثني ابى عن حماد عن ابى بصير عن ابى عبدالله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي ياعلي ما من دار فيها فرحة إلا تبعها ترحة(2) وما من هم إلا وله فرج إلا هم اهل النار فاذا عملت سيئة فاتبعها بحسنة تمحها سريعا وعليك بصنايع الخير فانها تدفع مصارع السوء وانما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين عليه السلام على حد التأديب للناس لا بانامير المؤمنين عليه السلام له سيئات عملها.
     
    وحدثني ابى عن النضر بن سويد عن محمد بن قيس عن ابن ابى يسار عن ابى عبدالله عليه السلام قال اقبل رسول الله صلى الله عليه وآله يوما واضعا يده علي كتف العباس فاستقبله امير المؤمنين عليه السلام فعانقه رسول الله صلى الله عليه وآله وقبل ما بين عينيه ثم سلم العباس على علي فرد عليه ردا خفيفا فغضب العباس فقال يارسول الله صلى الله عليه وآله لا يدع على زهوه فقال رسول الله: ياعباس لا تقل ذلك في علي فاني لقيت جبرئيل آنفا فقال لي لقيني الملكان الموكلان بعلي الساعة فقالا ما كتبنا(3) عليه ذنبا منذ
     
    ___________________________________
     
    (1) جار عن الشئ اي مال عنه.
     
    (2) الترحة كفرحة معناه الحزن.
     
    (3) ان الملك الموكل على السيئات واحد، فمشاركة الملك الثاني في هذا القول من باب التغليب والشهادة.ج.ز
     
    [365]
     
    ولد إلى هذا اليوم، وقوله (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) قال نزلت في الائمة عليهم السلام وشيعتهم الذين صبروا وحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن جميل عن ابي عبدالله عليه السلام قال نحن صبرنا وشيعتنا اصبر منا لانا صبرنا بعلم وصبروا على ما لا يعلمون وقوله (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله) قال الذين آمنوا الشيعة وذكر الله امير المؤمنين والائمة عليهم السلام ثم قال (ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب) اي حسن مرجع وحدثني ابي عن الحسن بن محبوب عن علي ابن رياب عن ابي عبيدة عن ابي عبدالله عليه السلام قال: طوبى شجرة في الجنة في دار امير المؤمنين عليه السلام وليس احد من شيعته إلا وفي داره غصن من اغصانها وورقة من اوراقها يستظل تحتها امة من الامم وعنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها السلام فانكرت ذلك عائشة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ياعائشة اني لما اسري بى إلى السماء دخلت الجنة فادناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فاكلت فحول الله ذلك ماء‌ا في ظهري فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها وقوله (ولو ان قرآنا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا) قال لو كان شئ من القرآن كذلك لكان هذا وقوله (أفلم ييئس الذين آمنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) يعني جعلهم كلهم مؤمنين وقوله (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة) اي عذاب.
     
    وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله " ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة " وهى النقمة (او تحل قريبا من دارهم) فتحل بقوم غيرهم فيرون ذلك ويسمعون به والذين حلت بهم عصاة كفار مثلهم، ولا
     
    [366]
     
    يتعظ بعضهم ببعض ولن يزالوا كذلك (حتى يأتي وعد الله) الذي وعد المؤمنين من النصر ويخزي الله الكافرين وقال علي بن ابراهيم في قوله (فامليت للذين كفروا ثم اخذتهم) اي طولت لهم الامل ثم اهلكتهم وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبؤنه بما لا يعلم في الارض ام بظاهر من القول) الظاهر من القول هو الرزق وقال علي بن ابراهيم في قوله (وما لهم من الله من واق) اي من دافع (وعقبى الكافرين النار) اي عاقبة ثوابهم النار قال ابوعبدالله عليه السلام ان ناركم هذه جزؤ من سبعين جزء‌ا من نار جهنم وقد اطفئت سبعين مرة بالماء ثم التهبت ولولا ذلك ما استطاع آدمي ان يطفيها وانها ليؤت بها يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثى على ركبتيه فزعا من صرختها، وفي رواية ابى الجارود في قوله (الذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما انزل اليك) فرحوا بكتاب الله اذا تلي عليهم واذا تلوه تفيض اعينهم دمعا من الفزع والحزن وهو علي بن ابى طالب عليه السلام وهى في قراء‌ة ابن مسعود " والذي انزلنا اليك الكتاب هو الحق ومن يؤمن به " اي علي بن ابى طالب يؤمن به (ومن الاحزاب من ينكر بعضه) انكروا من تأويل ما انزله في علي وآل محمد صلوات الله عليهم وآمنوا ببعضه فاما المشركون فانكروه كله اوله وآخره وانكروا ان محمدا رسول الله، وقال علي بن ابراهيم في قوله (لكل اجل كتاب يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) فانه حدثني ابي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن عبدالله بن مسكان عن ابي عبدالله عليه السلام قال اذا كانت ليلة القدر نزلت الملائكة والروح والكتبة إلى سماء الدنيا فيكتبون وما يكون من قضاء الله تبارك وتعالى في تلك السنة فاذا اراد الله ان يقدم او يؤخر او ينقص شيئا او يزيده امر الله ان يمحوا ما يشاء ثم اثبت الذي اراد،
     
    [367]
     
    قلت وكل شئ عنده بمقدار مثبت في كتابه؟ قال نعم قلت فاي شئ يكون بعده قال سبحان الله ثم يحدث الله ايضا ما يشاء تبارك الله وتعالى وقوله (أولم يروا انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها) فقال موت علمائها (والله يحكم لا معقب لحكمه) اي لا مانع وقوله (وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا) قال المكر من الله هو العذاب (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) اي ثواب القيامة وقوله (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب) فانه حدثني ابي عن ابن ابي عمير عن ابن اذينة عن ابى عبدالله عليه السلام قال الذي عنده علم الكتاب هو امير المؤمنين عليه السلام وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب اعلم ام الذي عنده علم الكتاب فقال ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر، فقال امير المؤمنين عليه السلام ألا ان العلم الذى هبط به آدم من السماء إلى الارض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله
     

     
    مكية وهى اثنتان وخمسون آية
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم الرا كتاب انزلناه اليك - يامحمد - لتخرج الناس من الظلمات إلى النور باذن ربهم) يعني من الكفر إلى الايمان (إلى صراط العزيز الحميد) والصراط الطريق الواضح وامامة الائمة عليهم السلام وقوله (الله الذي له ما في السموات وما في الارض - إلى قوله - وهو العزيز الحكيم) فهو محكم وقوله (ولقد ارسلنا موسى بآياتنا ان اخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بايام الله) قال ايام الله ثلاثة: يوم القائم ويوم الموت ويوم القيامة وقوله (وإذ تأذن ربكم لان شكرتم لازيدنكم ولان كفرتم ان عذابي لشديد) فهذا
     
    [368]
     
    كفر النعم ثم قال ابوعبدالله عليه السلام ايما عبد انعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه وحمد الله عليها بلسانه لم تنفد حتى يأمر الله له بالزيادة وهو قوله " لان شكرتم لازيدنكم " وقوله (ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح إلى قوله - فردوا ايديهم في افواههم) يعني في افواه الانبياء (وقالوا انا كفرنا بما ارسلتم به وانا لفي شك مما تدعوننا اليه مريب) وقوله (وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من ارضنا او لتعودن في ملتنا) فانه حدثني ابي رفعه الي النبي صلى الله عليه وآله قال من آذى جاره طمعا في مسكنه ورثه الله داره وهو قوله (وقال الذين كفروا - إلى قوله - فاوحى اليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الارض من بعدهم) وقوله (واستفتحوا) اي دعوا (وخاب كل جبار عنيد) اي خسروا وفي رواية ابي الجارود قال العنيد المعرض عن الحق.
     
    وقال علي بن ابراهيم في قوله (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد) قال ما يخرج من فروج الزواني وقوله (يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) قال يقرب اليه فيكرهه واذا ادني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فاذا شرب تقطعت امعاؤه ومزقت إلى تحت قدميه وانه ليخرج من احدهم مثل الوادي صديدا وقيحا ثم قال وانهم ليبكون حتى تسيل من دموعهم فوق وجوههم جداول ثم تنقطع الدموع فتسيل الدماء حتى لو ان السفن اجريت فيها لجرت وهو قوله " وسقوا ماء‌ا حميما فقطع امعاء‌هم " وقوله (مثل الذين كفروا بربهم اعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف) قال من لم يقر بولاية امير المؤمنين عليه السلام بطل عمله مثل الرماد الذي يجيئ الريح فتحمله (وبرزوا لله جميعا) معناه مستقبل انهم يبرزون واللفظ ماض وقوله (لو هدانا الله لهديناكم) فالهدى ههنا هو الثواب (سواء علينا أجزعنا ام صبرنا مالنا من محيص) اي مفر (وقال الشيطان لما قضي الامر) اي لما فرغ من امر الدنيا من
     
    [369]
     
    من اوليائه (ان الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فاخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا ان دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا انفسكم ما انا بمصرخكم) اي بمعينكم (وما انتم بمصرخي) اي بمعيني (اني كفرت بما اشركتمون من قبل) يعني في الدنيا ثم قال عزوجل (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها نابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون) فحدثني ابى عن الحسن بن محبوب عن ابى جعفر الاحول عن سلام بن المستنير عن ابى جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله " مثل كلمة طيبة الآية " قال الشجرة رسول الله صلى الله عليه وآله اصلها نسبه ثابت في بني هاشم وفرع الشجرة علي بن ابي طالب عليه السلام وغصن الشجرة فاطمة عليها السلام وثمرتها الائمة من ولد على وفاطمة عليهم السلام وشيعتهم ورقها وان المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة وان المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة قلت أرأيت قوله " تؤتي اكلها كل حين باذن ربها " قال يعني بذلك ما يفتون به الائمة شيعتهم في كل حج وعمرة من الحلال والحرام ثم ضرب الله لاعداء محمد مثلا فقال (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار " وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام قال كذلك الكافرون لا تصعد اعمالهم إلى السماء وبنو امية لا يذكرون الله في مجلس ولا في مسجد ولا تصعد اعمالهم إلى السماء إلا قليل منهم.
     
    قال علي بن ابراهيم في قوله تعالى (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين) فانه حدثني ابى عن علي بن مهزيار عن عمر بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن ابراهيم بن العلي عن سويد بن علقمة (غفلة ط) عن امير المؤمنين عليه السلام قال ان ابن آدم اذا كان في آخر يوم من ايام الدنيا واول يوم من ايام الآخرة مثل له اهله وما له وولده وعمله فيلتفت
     
    [370]
     
    إلى ماله فيقول والله اني كنت عليك لحريصا شحيحا فما عندك؟ فيقول خذ مني كفنك " ثم يلتفت إلى ولده فيقول والله انى كنت لكم لمحبا واني كنت عليكم لمحاميا فماذا عندكم؟ فيقولون نؤديك إلى حفرتك ونواريك فيها، ثم يلتفت إلى عمله فيقول والله اني كنت فيك لزاهدا وانك كنت علي لثقيلا فماذا عندك؟ فيقول انا قربنك في قبرك ويوم حشرك حتى اعرض انا وانت على ربك فان كان لله وليا اتاه اطيب الناس ريحا واحسنهم منظرا وازينهم رياشا فيقول ابشر بروح من الله وريحان وجنة نعيم وقد قدمت خير مقدم فيقول من انت؟ فيقول انا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يعجله فاذا ادخل قبره اتاه ملكان وهما فتانا القبر يجران اشعارهما وينحتان الارض بانيابهما واصواتهما كالرعد العاصف وابصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك ومن نبيك وما دينك(1)؟ فيقول: الله ربى ومحمد نبيي والاسلام ديني(2) فيقولان ثبتك الله بما تحب وترضى وهو قول الله " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت " فيفسحان له في قبره مد بصره ويفتحان له بابا إلى الجنة ويقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم وهو قوله " اصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا واحسن مقيلا "(3) واذا كان لربه عدوا فانه يأتيه اقبح خلق الله رياشا وانتنه ريحا فيقول له من انت؟ فيقول له انا عملك ابشر (بنزل من حميم وتصلية جحيم) وانه ليعرف غاسله ويناشد حامله ان يحبسه فاذا ادخل قبره اتياه مفتحيا
     
    ___________________________________
     
    (1) وفى نسخة ط " من امامك ".
     
    (2) وفى ط " وعلى عليه السلام والائمة امامى ".
     
    (3) الفرقان 24، وفي تفسير الصافي ان المقيل مكان يبات فيه لوقت يسير فعلى هذا هذه الآية تدل على ثواب الله في البرزخ لان الجنة لا نوم فيها فلا تكون مرادا منها.ج.ز
     
    [371]
     
    القبر فالقيا اكفانه ثم قالا له من ربك ومن نبيك وما دينك؟ فيقول لا ادري فيقولان له لا دريت ولا هديت فيضربانه بمرزبة(1) ضربة ما خلق الله دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين ثم يفتحان له بابا الي النار ثم يقولان له نم بشر حال فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج(2) حتى ان دماغه يخرج مما بين ظفره ولحمه ويسلط عليه حيات الارض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وانه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر.
     
    واما قوله (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) قال نزلت في الافجرين من قريش حدثني ابي عن محمد ابن ابي عمير عن عثمان بن عيسى عن ابي عبدالله عليه السلام قال سألته عن قول الله ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا قال نزلت في الافجرين من قريش ومن بني امية وبني المغيرة فاما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر، واما بنو امية فمتعوا إلى حين ثم قال ونحن والله نعمة الله التي انعم بها علي عباده وبنا يفوز من فاز ثم قال لهم تمتعوا فان مصيركم إلى النار وقوله (يوم لا بيع فيه ولا خلال) أي لا صداقة وقوله (وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) اي على الولاء وقوله يحكى قول ابراهيم (وإذا قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) يعني مكة (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام رب انهن اضللن كثيرا من الناس) فان الاصنام لم تضل وانما ضل الناس بها وقوله (ربنا اني اسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوى اليهم وارزقهم من الثمرات) اي من ثمرات القلوب (لعلهم يشكرون) يعني كي يشكروا وحدثني ابي عن حماد عن ابى جعفر عليه السلام في قوله " ربنا انى اسكنت من ذريتي الآية " قال نحن والله بقية تلك العترة واما قوله (ربنا اغفر لي ولوالدي) قال إنما نزلت
     
    ___________________________________
     
    (1) المرزبة بكسر الميم وتشديد الياء عصية حديد
     
    (2) الزج بالضم حديدة في اسفل الرمح.ج.ز
     
    [372]
     
    " ولولدي اسماعيل واسحق " وقوله (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار) قال تبقى اعينهم مفتوحة من هول جهنم لا يقدرون ان يطرفوها وقوله (افئدتهم هواء) قال قلوبهم تنصدع من الخفقان ثم قال (وانذر الناس - يامحمد - يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا اخرنا إلى اجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أو لم تكونوا اقسمتم) اي حلفتم (من قبل ما لكم من زوال) اي ولا تهلكون (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا انفسهم) يعني ممن هلكوا من بني امية (وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الامثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم - ثم قال - وان كان مكرهم لتزول منه الجبال) قال مكر بني فلان وقوله (يوم تبدل الارض غير الارض) قال تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف يأكل منها المؤمنون (وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفاد) قال مقيدين بعضهم إلى بعض (سرابيلهم من قطران) قال السرابيل القميص وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله " سرابيلهم من قطران " وهو الصفر الحار الذائب يقول انتهى حره يقول الله (وتغشى وجوههم النار) سربلوا ذلك الصفر فتغشى وجوههم النار وقال علي ابن ابراهيم في قوله (هذا بلاغ للناس) يعني محمدا (ولينذروا به وليعلموا إنما هو إله واحد وليذكر اولو الالباب) اي اولو العقول.
    الصفحة اللاحقة الصفحة السابقة