Rss Feed

  1. الصفحة اللاحقة الصفحة السابقة شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي
    مكية وهى مأة وخمس وستون آية
     
    (بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) فانه حدثني ابي عن الحسين بن خالد عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال نزلت الانعام جملة واحدة ويشيعها سبعون الف ملك لهم زجل(1) بالتسبيح والتهليل والتكبير فمن قرأها سبحوا له الي يوم القيامة، واما
     
    ___________________________________
     
    (1) الزجلة بالضم صوت الناس ويفتح (ق) - ج-ز
     
    [194]
     
    قوله (هو الذي خلقكم من طين ثم قضى اجلا واجل مسمى عنده) فانه حدثني ابي عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عبدالله عن مسكان عن ابي عبدالله عليه السلام قال الاجل المقضي هو المحتوم الذي قضاه الله وحتمه والمسمى هو الذي فيه البداء(1) يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير، وحدثني ياسر عن الرضا عليه السلام قال ما بعث الله نبيا إلا بتحريم الخمر وان يقر له بالبداء ان يفعل الله ما يشاء وان يكون في تراثه الكندر وقوله (وهو الله في السموات وفي الارض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون) قال السر ما اسر في نفسه والجهر ما اظهره والكتمان ما عرض بقلبه ثم نسيه وقوله (وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين - إلى قوله - وانشأنا من بعدهم قرنا آخرين ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بايديهم لقال الذين كفروا ان هذا إلا سحر مبين) فانه محكم ثم قال حكاية عن قريش (وقالوا لولا انزل عليه ملك) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (ولو انزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون) فاخبر عزوجل ان الآية إذا جاء‌ت والملك إذا نزل ولم يؤمنوا هلكوا، فاستعفى النبي صلى الله عليه وآله من الآيات رأفة ورحمة على امته واعطاه الله الشفاعة ثم قال الله (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا والبسنا عليهم ما يلبسون ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن) أي نزل بهم العذاب ثم قال لهم قل لهم يامحمد (سيروا في الارض ثم انظروا) أي انظروا في القرآن واخبار الانبياء فانظروا (كيف كان عاقبة المكذبين) ثم قال قل لهم (لمن ما في السموات والارض) ثم رد عليهم فقال قل لهم (لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة) يعني اوجب الرحمة على نفسه وقوله (وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم) يعني ما خلق
     
    ___________________________________
     
    (1) راجع حاشيتنا التفصيلية على البداء ص 38 من هذا الكتاب ج.ز.
     
    [195]
     
    بالليل والنهار هو كله لله، ثم احتج عزوجل عليهم فقال قال لهم (أغير الله اتخذ وليا فاطر السموات والارض) اي مخترعها وقوله (وهو يطعم ولا يطعم - إلى قوله - وهو الفاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير) فانه محكم، وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (قل اي شئ اكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) وذلك ان مشركي اهل مكة قالوا يامحمد ما وجد الله رسولا يرسله غيرك، ما نرى احدا يصدقك بالذي تقول، وذلك في اول ما دعاهم وهو يومئذ بمكة، قالوا ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى وزعموا انه ليس لك ذكر عندهم فتأتينا من يشهد انك رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله " الله شهيد بيني وبينكم الآية " قال انكم لتشهدون ان مع الله آلهة اخرى، يقول الله لحمد فان شهدوا فلا تشهد معهم، قال (لا اشهد قل إنما هو إله واحد وانني برئ مما تشركون) واما قوله (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناء‌هم الآية) فان عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام هل تعرفون محمدا في كتابكم؟ قال نعم والله نعرفه بالنعت الذي نعت الله لنا إذا رأيناه فيكم كما يعرف احدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان والذي يحلف به ابن سلام لانا بمحمد هذا اشد معرفة مني بابنى، قال الله (الذين خسروا انفسهم فهم لا يؤمنون) وقال علي بن ابراهيم ثم قال قل لهم يامحمد " أي شئ اكبر شهادة " يعني أي شئ اصدق قولا ثم قال " قل الله شهيد بيني وبينكم واوحى الي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ " قال من بلغ هو الامام قال محمد ينذر وانا نقول كما انذر به النبي صلى الله عليه وآله وقوله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او كذب بآياته انه لا يفلح الظالمون) فانه محكم، وقوله (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين اشركوا اين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ثم لم تكن فتنتهم) أي كذبهم (إلا ان قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) والدليل على ان الفتنة ههنا الكذب قوله (انظر كيف كذبوا على انفسهم وضل عنهم
     
    [196]
     
    ما كانوا يفترون) أي ضل عنهم كذبهم ثم ذكر قريشا فقال (ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم اكنة ان يفقهوه) يعني غطاء (وفي آذانهم وقرا) اي صمما(1) (وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤك يجادلونك) أي يخلصمونك (يقول الذين كفروا ان هذا إلا اساطير الاولين) أي اكاذيب الاولين، وقوله (وهم ينهون عنه وينؤن عنه) قال بنو هاشم كانوا ينصرون رسول الله صلى الله عليه وآله ويمنعون قريشا عنه وينأون عنه اي يباعدون عنه ويساعدونه ولا يؤمنون، وقوله (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) قال نزلت في بني امية ثم قال: (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) قال من عداوة امير المؤمنين عليه السلام (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون) ثم حكى عزوجل قول الدهرية فقال (وقالواان هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين) فقال الله (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) قال قال حكاية عن قول من انكر قيام الساعة فقال: (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى اذا جاء‌تهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون اوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون) يعني آثامهم وقوله (وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون) محكم.
     
    وقوله (قد نعلم انه لبحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فانها قرئت على ابي عبدالله عليه السلام فقال بلى والله لقد كذبوه اشد التكذيب وانما نزل " لا يأتونك " أي لا يأتون بحق يبطلون حقك، حدثنى ابي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث (البخترى ط) قال قال ابوعبدالله عليه السلام ياحفص ان من صبر صبر قليلا وان من جزع جزع قليلا ثم
     
    ___________________________________
     
    (1) الصم كغنم فقدان حاسة السمع.ج-ز
     
    [197]
     
    قال عليك بالصبر في جميع امورك فان الله بعث محمدا وامره بالصبر والرفق فقال " واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا "(1) فقال " ادفع بالتي هي احسن السيئة فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم "(2) فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قابلوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره، فانزل الله " ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون "(3) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فانزل الله تعالى (قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى أتاهم نصرنا) فالزم نفسه الصبر صلى الله عليه وآله فقعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى بالسوء وكذبوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قد صبرت في نفسي واهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكرهم إلهي فانزل الله " ولقد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون "(4) فصبر رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع احواله، ثم بشر في الائمة من عترته ووصفوا بالصبر " وجعلنا منهم أئمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون "(5) فعند ذلك قال عليه السلام الصبر من الايمان كالرأس من البدن فشكر الله له ذلك فانزل الله عليه " وتمت كلمة ربك الحسنى على بنى اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون "(6) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله آية بشرى وانتقام، فاباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله واحبائه وعجل الله له ثواب صبره مع ما ادخر له في الآخرة.
     
    وفي رواية ابى الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله (وان كان كبر عليك
     
    ___________________________________
     
    (1) المزمل 10.
     
    (2) حم السجدة 34.
     
    (3) الحجر 97.
     
    (4) ق 38.
     
    (5) ألم السجدة 24.
     
    (6) الاعراف 137.
     
    [198]
     
    اعراضهم (قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحب اسلام الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله ان يسلم فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله فانزل الله (وان كان كبر عليك اعراضهم - إلى قوله - نفقا في الارض) يقول سربا، فقال علي بن ابراهيم في قوله (نفقا في الارض او سلما في السماء) قال ان قدرت ان تحفر الارض وتصعد السماء أي لا تقدر على ذلك، ثم قال: (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) اي جعلهم كلهم مؤمنين وقوله (فلا تكونن من الجاهلين) مخاطبة للنبي والمعنى للناس ثم قال (إنما يستجيب الذين يسمعون) يعني يعقلون ويصدقون (والموتى يبعثهم) الله اي يصدقون بان الموتى يبعثهم الله (وقالوا لولا نزل عليه آية) اي هلا انزل عليه آية، قال (ان الله قادر على ان ينزل آية ولكن اكثرهم لا يعلمون) قال لا يعلمون ان الآية اذا جاء‌ت ولم يؤمنوا بها ليهلكوا وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله " ان الله قادر على ان ينزل آية " وسيريكم في آخر الزمان آيات، منها دابة في الارض، والدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها، وقوله (وما من دابة في الارض ولا طائر يطير بجناحيه إلا امم امثالكم) يعني خلق مثلكم، وقال كل شئ مما خلق خلق مثلكم (ما فرطنا في الكتاب من شئ) اي ما تركنا (ثم إلى ربهم يحشرون) وقوله (والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات) يعني قد خفي عليهم ما تقوله (من يشاء الله يظله) اي يعذبه (ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم) يعني يبين له ويوفقه حتى يهتدي إلى الطريق.
     
    حدثنا احمد بن محمد قال حدثنا جعفر بن عبدالله قال حدثنا كثير بن عياش عن ابي الجارود عن ابي جعفر صلوات الله عليه في قوله " الذين كذبوا بآياتنا صم بكم " يقول صم عن الهدى وبكم لا يتكلمون بخير " في الظلمات " يعني
     
    [199]
     
    ظلمات الكفر " من يشاء الله يظلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم " وهو رد؟ على قدرية هذه الامة، يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين والنصارى والمجوس، فيقولون " والله ربنا ماكنا مشركين " يقول الله " انظر كيف كذبوا على انفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون "(1) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ان لكل امة مجوس، ومجوس هذه الامة الذين يقولون لا قدر ويزعمون ان المشية والقدرة اليهم ولهم اخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن علي بن اسباط عن على بن ابي حمزة عن ابي بصير عن ابى عبدالله عليه السلام في قوله " والله ربنا ما كنا مشركين " بولاية علي عليه السلام، حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم قال حدثنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن الفضيل عن ابى حمزة قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل " الذين كذبوا بآياتنا صم بكم في الظلمات من يشاء الله يضلله ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم " فقال ابوجعفر نزلت في الذين كذبوا باوصيائهم، صم بكم، كما قال الله في الظلمات، من كان من ولد ابليس فانه لا يصدق بالاوصياء ولا يؤمن بهم ابدا وهم الذين اضلهم الله، ومن كان من ولد آدم آمن بالاوصياء فهم على صراط مستقيم، قال وسمعته يقول كذبوا بآياتنا كلها في بطن القرآن ان كذبوا بالاوصياء كلهم، ثم قال قل لهم يامحمد (أرأيتكم ان اتاكم عذاب الله أو اتتكم الساعة أغير الله تدعون ان كنتم صادقين) ثم رد عليهم فقال: (بل اياه تدعون فيكشف ما تدعون اليه ان شاء وتنسون ما تشركون) قال تدعون الله اذا اصابكم ضر ثم إذا كشف عنكم ذلك تنسون ما تشركون، اى تتركون الاصنام، وقوله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله (ولقد ارسلنا إلى امم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء
     
    ___________________________________
     
    (1) الانعام 24.
     
    [200]
     
    لعلم يتضرعون) يعني كي يتضرعوا ثم قال (فلولا إذ جاء‌هم باسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) فلما لم يتضرعوا فتح الله عليهم الدنيا وأغناهم عقوبة لفعلهم الردي فلما (فرحوا بما اوتوا أخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون) اي آيسون وذلك قول الله تبارك وتعالى في مناجاته لموسى عليه السلام، حدثني ابي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن ابي عبدالله عليه السلام قال كانت مناجاة الله لموسى عليه السلام ياموسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، واذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته، فما فتح الله على احد هذه الدنيا إلا بذنب لينسيه ذلك فلا يتوب فيكون اقبال الدنيا عليه عقوبة لذنوبه.
     
    حدثنا جعفر بن احمد قال حدثنا عبدالكريم بن عبدالرحيم عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن ابي حمزة قال سألت ابا جعفر (ع) عن قول الله عز وجل (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شئ) قال اما قوله " فلما نسوا ما ذكروا به " يعني فلما تركوا ولاية علي امير المؤمنين عليه السلام وقد امروا به " فتحنا عليهم ابواب كل شئ " يعني دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها واما قوله " حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون " يعني بذلك قيام القائم حتى كانهم لم يكن لهم سلطان قط، فذلك قوله بغتة فنزلت بخبره هذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وقوله (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) فانه حدثني ابي عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن فضيل بن عياض عن ابي عبدالله عليه السلام قال سألته عن الورع فقال الذي يتورع عن محارم الله ويجتنب الشبهات واذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه وإذا رأى المنكر ولم ينكره وهو يقدر عليه فقد احب ان يعصى الله اختيارا ومن احب ان يعصي الله فقد بارز الله بالعداوة ومن احب بقاء الظالمين فقد أحب ان يعصي
     
    [201]
     
    الله ان الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين قال " فقطع دابر القوم الله ان الله تبارك وتعالى حمد نفسه على هلاك الظالمين قال " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين " وقوله (قل أرأيتم ان اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون) قال قل لقريش ان اخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم من يرد ذلكم عليكم إلا الله) وقوله " ثم هم يصدفون " اي يكذبون، وفي رواية ابى الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله " قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وابصاركم وختم على قلوبكم " يقول ان اخذ الله منكم الهدى من آله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون يقول يعترضون، واما قوله (قل أرأيتكم ان اتاكم عذاب الله بغتة او جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون) فانها نزلت لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينه وأصاب اصحابه الجهد والعلل والمرض فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فانزل الله عزوجل قل لهم يامحمد أرأيتم ان اتاكم عذاب الله بغتة او جهرة هل يهلك إلا القوم الظلمون، اى انهم لا يصيبهم إلا الجهد والضرر في الدنيا، فاما العذاب الاليم الذي فيه الهلاك فلا يصيب إلا القوم الظالمين.
     
    وقوله (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن واصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون - ثم قال قل لهم يامحمد - لا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول لكم انى ملك ان اتبع إلا ما يوحى الي) قال ما املك لكم خزائن الله ولا أعلم الغيب واما قوله (انها من عندالله - ثم قال - هل يستوي الاعمى والبصير) اي من يعلم ومن لا يعلم (أفلا تتفكرون) ثم قال (وانذر به) يعني بالقران (الذين يخافون) اي يرجون (ان يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون).
     
    [202]
     
    واما قوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين) فانه كان سبب نزولها انه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون اصحاب الصفة، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله امرهم ان يكونوا في الصفة يأوون اليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بنفسه وربما حمل اليهم ما يأكلون، وكانوا يختلفون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم وكان اذا جاء الاغنياء والمترفون من اصحابه انكروا عليه ذلك ويقولون له اطردهم عنك فجاء يوما رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من اصحاب الصفة قد لزق برسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله صلى الله عليه وآله يحدثه، فقعد الانصاري بالبعد منهما، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله تقدم فلم يفعل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله لعلك خفت ان يلزق فقره بك فقال الانصاري اطرد هؤلاء عنك، فانزل الله " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه..الخ) ثم قال: (وكذلك فتنا بعضهم ببعض) اي اختبرنا الاغنياء بالغناء لننظر كيف مواساتهم للفقراء وكيف يخرجون ما فرض الله عليهم في اموالهم، فاختبرنا الفقراء لننظر كيف صبرهم على الفقر وعما في ايدي الاغنياء (وليقولوا) اي الفقراء (أهؤلاء) الاغنياء (من الله عليهم من بيننا أليس الله باعلم بالشاكرين) ثم فرض الله على رسوله صلى الله عليه وآله ان يسلم على التوابين والذين عملوا السيئات ثم تابوا فقال (واذا جاء‌ك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة) يعني اوجب الرحمة لمن تاب والدليل على ذلك قوله (انه من عمل منكم سوء‌ا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فانه غفور رحيم) وقوله (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) يعني مذهبهم وطريقتهم تستبين إذا وصفناهم، ثم قال (قل اني نهيت ان اعبد الذين تدعون من دون الله قل لا اتبع اهواء‌كم قد ضللت إذا وما
     
    [203]
     
    انا من المهتدين، قل انى على بينة من ربي وكذبتم به)(1) اي بالبينة التي انا عليها (ما عندى ما تستعجلون به) يعني الآيات التي سألوها (ان الحكم إلا الله يقص الحق وهو خير الفاصلين) اي يفصل بين الحق والباطل ثم قال (قل لهم لو ان عندي ما تستعجلون به لقضي الامر بيني وبينكم) يعني اذا جاء‌ت الآية هلكتم وانقضى ما بيني وبينكم وقوله (وعنده مفاتح الغيب) يعني عالم الغيب (لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) قال الورقة السقط، والحبة الولد، وظلمات الارض الارحام، والرطب ما يبقى ويحيى، واليابس ما تغيض الارحام، وكل ذلك في كتاب مبين وقوله (وهو الذي يتوفيكم بالليل) يعني بالنوم (ويعلم ما جرحتم بالنهار) يعني ما عملتم بالنهار وقوله (ثم يبعثكم فيه) يعنى ما عملتم من الخير والشر وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله (ليقضى اجل مسمى) قال هو الموت (ثم اليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) واما قوله (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) يعني الملائكة الذين يحفظونكم ويحفظون اعمالكم (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا) وهم الملائكة (وهم لا يفرطون) اي لا يقصرون (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو اسرع الحاسبين) وقوله (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية إلى قوله (ثم انتم تشركون) فانه محكم وقوله (قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم باس بعض) فقوله " يبعث عليكم عذابا
     
    ___________________________________
     
    (1) مرجع به في الآية القرآن والمراد من البينة ايضا القرآن، وتذكير الضمير بتأويل القرآن.ج.ز
     
    [204]
     
    من فوقكم " قال السلطان الجائر (او من تحت ارجلكم) قال السفلة ومن لا خير فيه (او يلبسكم شيعا) قال العصبية (ويذيق بعضكم بأس بعض) قال سوء الجوار، وفي رواية ابي الجارود عن ابى جعفر عليه السلام في قوله " وهو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم " هو الدخان والصيحة " او من تحت ارجلكم " وهو الخسف " او يلبسكم شيعا " وهو اختلاف في الدين وطعن بعضكم على بعض " ويذيق بعضكم بأس بعض " وهو ان يقتل بعضكم بعضا: وكل هذا في اهل القبلة كذا يقول الله (انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذب به قومك) وهم قريش وقوله (لكل نبأ مستقر) يقول لكل نبأ حقيقة (وسوف تعلمون) وايضا قال (انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون) يعني كي يفقهوا وقوله (وكذب به قومك وهو الحق) يعني القرآن كذبت به قريش (قل لست عليكم بوكيل لكل نبأ مستقر) اي لكل خبر وقت وسوف تعلمون.
     
    وقوله (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فاعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) يعني الذين يكذبون بالقرآن ويستهزؤن، ثم قال فان انساك الشيطان في ذلك الوقت عما امرتك به (فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين) اخبرنا احمد بن ادريس عن احمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن ايوب عن سيف بن عميرة عن عبدالاعلى بن اعين قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه امام أو يغتاب فيه مسلم ان الله يقول في كتابه " فاذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا..الخ " وقوله (وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ) أي ليس يؤخذ المتقون بحساب الذين لا يتقون (ولكن ذكرى) اي اذكر (لعلهم يتقون) كي يتقوا ثم قال (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحيوة الدنيا) يعني الملاهي
     
    [205]
     
    (وذكر به ان تبسل نفس) أي تسلم (ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وان تعدل كل عدل لا يؤخذ منها) يعني يوم القيامة لا يقبل منها فداء ولا صرف (اولئك الذين ابسلوا بما كسبوا) اى اسلموا باعمالهم(1) (لهم شراب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون) وقوله احتجاجا على عبدة الاوثان (قل - لهم - أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على اعقابنا بعد إذ هدانا الله) وقوله (كالذى استهوته الشياطين) اى خدعتهم في الارض فهو (حيران).
     
    وقوله (له اصحاب يدعونه إلى الهدى إئتنا) يعنيي ارجع الينا وهو كناية عن ابليس فرد الله عليهم فقال قل لهم يامحمد (ان هدى الله هو الهدى وامرنا لنسلم لرب العالمين) وقوله (واقيموا الصلوة واتقوه وهو الذى اليه تحشرون وهو الذى خلق السموات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) فانه محكم.
     
    ثم حكى عزوجل قول ابراهيم عليه السلام (واذ قال ابراهيم لابيه آزر أتتخذ اصناما آلهة انى اريك وقومك في ضلال مبين) فانه محكم واما قوله (وكذلك نري ابراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقتين) فانه حدثني ابى عن اسماعيل بن ضرار (مرار ط) عن يونس بن عبدالرحمان عن هشام عن ابى عبدالله عليه السلام قال كشط له عن الارض ومن عليها وعن السماء ومن فيها والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه، وفعل ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام، وحدثني ابي عن ابن ابي عمير عن ابي ايوب الخزاز عن ابى بصير عن
     
    ___________________________________
     
    (1) اسلموا مبني للمفعول، ومعنى ابسل نفسه للهلاك: اسلم نفسه للهلاك ج.ز
     
    [206]
     
    ابي عبدالله عليه السلام قال لما رأى ابراهيم ملكوت السموات والارض التفت فرأى رجلا يزني فدعا عليه فمات، ثم رأى آخر فدعا عليه فمات ثم رأى ثالثة فدعا عليهم فماتوا، فاوحى الله ياابراهيم ان دعوتك مستجابة فلا تدع على عبادي فاني لو شئت لم اخلقهم، انى خلقت خلقي على ثلاثة اصناف، صنف يعبدنى ولا يشركون بي شيئا فاثيبه، وصنف يعبدون غيري فليس يفوتني، وصنف يعبدون غيري فاخرج من صلبه من يعبدني، واما قوله (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربى فلما افل) اي غاب (قال لا احب الآفلين) فانه حدثني ابى عن صفوان عن ابن مسكان قال قال ابوعبدالله عليه السلام ان آزر(1) ابا ابراهيم كان منجما لنمرود بن كنعان فقال له انى ارى في حساب النجوم ان هذا الزمان يحدث رجلا فينسخ هذا الدين ويدعو إلى دين آخر، فقال نمرود في أي بلاد يكون؟ قال في هذه البلاد، وكان منزل نمرود بكونى ربا (كوثي ريا خ ل)
     
    ___________________________________
     
    (1) لا يخفى انه قد اختلف العلماء في والد ابراهيم عليه السلام، قال الرازي في تفسير قوله " واذ قال ابراهيم لابيه آزر " وظاهر هذه الآية يدل على ان اسم والد ابراهيم عليه السلام هو آزر.
     
    وقال الزجاج لا خلاف بين النسابين ان اسمه " تارخ " وعلى هذا فآزر كان عمه واطلاق لفظ الاب على العم في لغة العرب والقرآن شائع ومنه الحديث المعروف " عم الرجل صنو ابيه " وقال الله تعالى حاكيا عن اولاد يعقوب (ع) انهم قالوا: (نعبد إلهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق) ومن المعلوم ان اسماعيل كان عما ليعقوب، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لم نزل ننتقل من اصلاب الطاهرين إلى ارحام الطاهرات، وقال الله تعالى إنما المشركون نجس، فلا يكون احد اجداد النبي ولو بعيدا نجسا وهذا هو معقد اجماع الطائفة المحقة فتحمل الروايات المخالفة له علي التقية.ج.ز
     
    [207]
     
    فقال له نمرود قد خرج إلى الدنيا؟ قال آزر لا، قال فينبغي ان يفرق بين الرجال والنساء، ففرق بين الرجال والنساء، وحملت ام ابراهيم عليه السلام ولم تبين حملها، فلما حان ولادتها قالت ياآزر انى قد اعتللت واريد ان اعتزل عنك، وكان في ذلك الزمان المرأة اذا اعتلت عتزلت عن زوجها، فخرجت واعتزلت عن زوجها واعتزلت في غار، ووضعت بابراهيم عليه السلام فهيئته وقمطته، ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة، فاجرى الله لابراهيم عليه السلام لبنا من ابهامه، وكانت امه تأتيه ووكل نمرود بكل امرأة حامل فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت ام ابراهيم بابراهيم من الذبح، وكان يشب ابراهيم في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر، حتى اتى له في الغار ثلاثة عشر سنة فلما كان بعد ذلك زارته امه، فلما ارادت ان تفارقه تشبث بها، فقال يا امي اخرجيني، فقالت له يابني ان الملك ان علم انك ولدت في هذا الزمان قتلك، فلما خرجت امه وخرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء، فقال هذا ربي فلما افلت قال لو كان هذا ربي ما تحرك ولا برح ثم قال لا احب الآفلين الآفل الغائب، فلما نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر، قال هذا ربي هذا اكبر واحسن فلما تحرك وزال قال: (لان لم يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين) فلما اصبح وطلعت الشمس ورأى ضوء‌ها وقد اضاء‌ت الدنيا لطلوعها قال هذا ربي هذا اكبر واحسن فلما تحركت وزالت كشف الله له عن السموات حتى رأي العرش ومن عليه واراه الله ملكوت السموات والارض فعند ذلك قال (ياقوم اني برئ مما تشركون اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا وما انا من المشركين) فجاء إلى امه وادخلته دارها وجعلته بين اولادها.
     
    وسئل ابوعبدالله عليه السلام عن قول ابراهيم هذا ربي اشرك في قوله هذا ربي؟ فقال لا من قال هذا اليوم فهو مشرك، ولم يكن من ابراهيم شرك وانما
     
    [208]
     
    كان في طلب ربه وهو من غيره شرك، فلما دخلت ام ابراهيم بابراهيم دارها نظر اليه آزر فقال من هذا الذي قد بقى في سلطان الملك والملك يقتل اولاد الناس فقالت هذا ابنك ولدته في وقت كذا وكذا حين اعتزلت عنك، فقال ويحك ان علم الملك بهذا زالت منزلتنا عنده وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره وكان يتخذ الاصنام له وللناس ويدفعها إلى ولده ويبيعونها، فقالت ام ابراهيم لآزر لاعليك ان لم يشعر الملك به، بقى لنا ولدنا وان شعر به كفيتك الاحتجاج عنه وكان آزر كلما نظر إلى ابراهيم احبه حبا شديدا وكان يدفع اليه الاصنام ليبيعها كما يبيع اخوته، فكان بعلق في اعناقها الخيوط ويجرها على الارض ويقول من يشتري ما (لا ط) يضره ولا ينفعه ويغرقها في الماء والحماة، ويقول لها كلي واشربي وتكلمي، فذكر اخوته ذلك لابيه فنهاه فلم ينته فحبسه في منزله ولم يدعه يخرج، وحاجه قومه فقال ابراهيم (اتحاجوني في الله وقد هدان) اي؟ بين؟ لي (ولا اخاف ما تشركون به إلا ان يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما افلا تتذكرون) ثم قال لهم (وكيف اخاف ما اشركتم ولا تخافون انكم اشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فاي الفريقين احق بالامن ان كنتم تعلمون) اي انا احق بالامن حيث ا عبدالله او انتم الذين تعبدون الاصنام.
     
    واما قوله (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) أي صدقوا ولم ينكثوا ولم يدخلوا في المعاصي فيبطل ايمانهم ثم قال (اولئك لهم الامن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم) يعني ما قد احتج ابراهيم على ابيه وعليهم.
     
    وقوله (ووهبنا له اسحق ويعقوب) يعني لابراهيم (كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمن وايوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزى المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين واسمعيل
     
    [209]
     
    واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم واخوانهم واجتبيناهم) أي اختبرناهم (وهديناهم إلى صراط مستقيم) فأنه محكم وحدثني ابي عن ظريف بن ناصح عن عبدالصمد بن بشير عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه السلام قال قال لي ابوجعفر عليه السلام يا ابا الجارود ما يقولون في الحسن والحسين؟ قلت ينكرون علينا انهما ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله قال فبأي شئ احتججتم عليهم؟ قلت يقول الله عزوجل في عيسى بن مريم " ومن ذريته داود وسليمن إلى قوله وكذلك نجزي المحسنين " فجعل عيسى بن مريم من ذرية ابراهيم، قال فبأي شئ قالوا لكم؟ قلت قالوا قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب، قال فبأي شئ احتججتم عليهم؟ قال قلت احتججنا عليهم بقول الله " قل تعالوا ندع ابناء‌نا وابناء‌كم ونساء‌نا ونساء‌كم وانفسنا وانفسكم " قال فاي شئ قالوا لكم؟ قلت قالوا قد يكون في كلام العرب ابناء رجل والاخر يقول ابناؤنا قال فقال ابوجعفر عليه السلام والله يا ابا الجارود لاعطينك من كتاب الله انهما من صلب رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يردها إلا كافر، قال قلت جعلت فداك واين؟ قال من حيث قال الله " حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم الآية " إلى ان ينتهي إلى قوله " وحلائل ابنائكم الذين من اصلابكم " فسلهم ياابا الجارود هل حل لرسول الله صلى الله عليه وآله نكاح حليلتيهما؟ فان قالوا نعم فكذبوا والله وفجروا وان قالوا لا فهما والله ابناؤه لصلبه وما حرمتا عليه إلا للصلب.
     
    ثم قال عزوجل (ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو اشركوا) يعني الانبياء الذين قد تقدم ذكرهم (لحبط عنهم ما كانوا يعملون) ثم قال (اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فان يكفر بها هؤلاء) يعني اصحابه وقريش ومن انكروا بيعة امير المؤمنين عليه السلام (فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها
     
    [210]
     
    بكافرين) يعني شيعة امير المؤمنين عليه السلام ثم قال تأدبيا لرسول الله صلى الله عليه وآله (اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) يامحمد ثم قال قل لقومك (لا اسئلكم عليه اجرا) يعني على النبوة والقرآن اجرا (ان هو إلا ذكرى للعالمين) وقوله (وما قدروا الله حق قدره) قال لم يبلغوا من عظمة الله ان يصفوه بصفاته (إذ قالوا ما انزل الله على بشر من شئ) وهم قريش واليهود فرد الله عليهم واحتج وقال قل لهم يامحمد (من انزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها) يعني تقرؤن ببعضها (وتخفون كثيرا) يعني من اخبار رسول الله صلى الله عليه وآله (وعلمتم ما لم تعلموا انتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) يعني فيما خاضوا فيه من التكذيب ثم قال (وهذا كتاب) يعني القرآن (انزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه يعني التوراة والانجيل والزبور (ولتنذر ام القرى ومن حولها) يعني مكة وإنما سميت ام القرى لانها اول بقعة خلقت (والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به) اي بالنبي والقرآن (وهم على صلاتهم يحافظون).
     
    قوله (ومن اظلم ممن افترى على الله كذبا او قال اوحي الي ولم يوح اليه شئ ومن قال سانزل مثل ما انزل الله) فانها نزلت في عبدالله بن سعد بن ابي سرح وك
    الصفحة اللاحقة الصفحة السابقة